0 تصويتات
بواسطة (961ألف نقاط)

فن زخرفة المساجد أحد الفنون الإسلامية المتميزة ، حيث يمثل مستوى راقياً من الإبداع بما يحمله من لمسات فنية رائعة ، مع دقة في الأداء والتوزيع وجمال في التعبير ، ورسالته تعمق في العاطفة ، و الوجدان ، وتعمل على توجيه النفوس نحو أهمية المسجد في المجتمع الإسلامي، وعناية المسلمين به ليكون في أبهى صورة ، لتؤكد من خلاله تأصيل مفهوم الجمال في الإسلام،ويُقصد بفن زخرفة المساجد : مجموعة النقوش التي تنشأ من أشكال الرسوم الملونة المستوحاة من الطبيعة ، كالرسوم النباتية والمعمارية والهندسية وما يتداخل معها من الخطوط العربية بحيث ينتج عن ذلك صور فنية رائعة لغرض تزيين المسجد من الداخل ، أو من الخارج بطريقة معينة من طرق الزخرفة، وقد ظهرت خصوصية ما يمثله هذا الفن في المساجد اليمنية ، التي نالت ما تستحقه من العناية ، والاهتمام في هذا الجانب ، متأثرةً بأساليب التطور عبر العصور ، كغيرها من نتاجات زخارف المساجد في العالم العربي والإسلامي.

فالتراث اليمني زاخر بشواهد فنية راقية للزخرفة في المساجد القديمة ، التي لاتزال شاخصةً بشموخ ؛ لتدل على مهارة الإنسان الـيـمـنـي الـفـائـقـة حَيْثُ استطاع أَنْ يُمثَلَ في أعماله روعة التاريخ بكل شجنه وعذوبته من خلال استخدامه وحي الخط العربي ، وأشكال الرسوم المختلفة ، في تزيين أجزاء المسجد بأدق أنواع الزخرفة التي تأخذ بروعتها الألباب.

فقد زينت من خارج المسجد المنارات بزخارف من الجص تداخلت مع أحجار الآجر ( الطوب الأحمر وبعض الكتابات ، ثم امتدت تلك النقوش إلى قواعد القباب ، وشرفاتها ، وربما غمرت جَسد القبة بالكامل في إغراق متداخل بألوان الزخرفة ، وقد تتجاوز القباب في بطء إلى أسوار المسجد بما تمتاز به هذه الأسوار من صلادة الأحجار فتتشكل عندئذ نقشاً منحوتاً عليها يظهر في عقود المداخل وأعمدتها ، أو في عقود النوافذ ، أو تبرز مبثوثة على الجوانب أو في النّهايات العلوية من الأسوار أما الزخرفة الداخلية ، فقد كان الاهتمام بالغاً بتزيين كثير من أجزاء المسجد الجدارية والخشبية كالمحاريب ، والمنابر ، والقباب والأعمدة ، والقمريات ، وكذلك السقوف ، والنوافذ والأبواب والكراسي وغيرها، حيث استحوذت عـلـيـهـا تلك النقوش التي تكونت أيضاً من الرسوم النباتية المعمارية والهندسية بما ينتمي إليها من أشكال مختلفة ، مع تطريزها بكتابات متنوعة من الخط العربي لآيات قرآنية وأحاديث نبوية تدعو إلى قيم المجتمع ، إضافة إلى توقيعات منشئي هذه الأعمال وتواريخ الإنشاء.

وقد نُقدَتْ هذه الزخارف بطرق وأساليب عديدة ، ففي الأجزاء الجدارية تتم بكسوة مساحات منها بمادة الجص ، ومن ثم إعادة نقشها حفراً بتلك الزخارف ، أما الأجزاء الخشبية فتَتم زخرفتها بأساليب أخرى منها الحفر أو النحت أوالتجميعُ ، وتتخذ القمريات أنواعاً خاصة من النقوش الجصية يتم تطريزها بأنواع من الزجاج الملون لكنَّها تتكامل مع زخارف المسجد في وفاق عجيب، ومثل هذه الزخارف يكاد لا يخلو منها مسجد من المساجد القديمة ، ولك أن تشاهد منها ما تشاء في الجوامع الكبيرة المنتشرة في المدن اليمنية وبعض القرى كالجامع الكبير في كل من صنعاء، وصعدة ، وتعز ، وزبيد، وحجة ، وكوكبان ، وجبلة ، وفي جامع العيدروس بعدن وجامع المحضار بمدينة تريم في حضرموت ، وجامع البكيرية في صنعاء ، ومسجد العباس في قرية أسناف بمديرية خولان إن ما ذكر من أمثلة للزخرفة فيما تقدم لا يشمل إلا نزراً يسيراً من مجمـوع الـتـراث اليمني في طول البلاد وعرضها ، وهذه الزخارف تحكي بعمق مجد الأمة الخالد ، وتعبر عن حضارة فنية أصيلة حافظت على طابعها الأصيل ورونقها الإسلامي جيلاً بعد جيل، ونحن مطالبون بالمحافظة عليها وحمايتها من التلف؛ لتظل مشرقةَ الجمال كما طَبَعَهَا الصَّفاءُ الإنساني العذب عبر تلك العصور .

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (961ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
فن زخرفة المساجد أحد الفنون الإسلامية المتميزة ، حيث يمثل مستوى راقياً من الإبداع بما يحمله من لمسات فنية رائعة ، مع دقة في الأداء والتوزيع وجمال في التعبير ، ورسالته تعمق في العاطفة ، و الوجدان ، وتعمل على توجيه النفوس نحو أهمية المسجد في المجتمع الإسلامي.
...